جميع الدول التي تعترف بالصحراء الغربية كدولة

تُعد قضية الصحراء الغربية من أطول النزاعات الجيوسياسية في القارة الإفريقية، إذ يعود جذورها إلى فترة ما بعد الاستعمار الإسباني للمنطقة، والتي انتهت رسميًا في عام 1975. منذ ذلك الحين، أصبحت الصحراء الغربية منطقة نزاع بين المملكة المغربية وجبهة البوليساريو، التي تُطالب باستقلال الإقليم وإعلانه كدولة ذات سيادة تحت اسم الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية (RASD). رغم تعقيد الملف، فإنه يُمثل إحدى القضايا ذات الأهمية البالغة على مستوى الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، لما له من تأثير مباشر على استقرار شمال إفريقيا ومنطقة الساحل.

خلفية النزاع وتأسيس الجمهورية الصحراوية

تأسست الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية في 27 فبراير 1976، عقب انسحاب إسبانيا من الإقليم. وقد أعلنتها جبهة البوليساريو بوصفها الممثل الشرعي للشعب الصحراوي، وشرعت في ممارسة بعض مظاهر السيادة من خلال حكومة في المنفى تتخذ من مخيمات اللاجئين الصحراويين في تندوف جنوب غرب الجزائر مقرًا لها.

ورغم أن المملكة المغربية تسيطر على حوالي 80% من إقليم الصحراء الغربية، بما في ذلك المدن الكبرى مثل العيون والداخلة، وتعتبرها جزءًا من أراضيها، فإن عددًا من الدول والمنظمات لا تزال تعتبر الصحراء الغربية إقليمًا غير متمتع بالحكم الذاتي وتخضع لعملية تصفية استعمار حسب قرارات الأمم المتحدة.

الدول التي تعترف بالجمهورية الصحراوية (الصحراء الغربية كدولة)

منذ إعلان الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، اعترفت بها أكثر من 80 دولة في فترات متفاوتة، مع تفاوت في طبيعة الاعترافات بين الاعتراف الثنائي الرسمي، وفتح سفارات أو بعثات دبلوماسية، وعضوية في منظمات دولية. غير أن عدد الدول التي تحتفظ باعترافها حتى اليوم يعرف تغيرًا مستمرًا نتيجة لتقلبات السياسة الخارجية وتغير مواقف بعض الحكومات.

الدول الإفريقية

من بين أبرز القارات التي شهدت اعترافًا كبيرًا بالجمهورية الصحراوية، تحتل إفريقيا الصدارة. ويعود ذلك إلى انضمام RASD إلى الاتحاد الإفريقي (سابقًا منظمة الوحدة الإفريقية) كعضو كامل منذ عام 1984، مما أسهم في تعزيز الشرعية السياسية والدبلوماسية لها داخل القارة.

من أبرز الدول الإفريقية التي اعترفت أو لا تزال تعترف بالجمهورية الصحراوية:

• الجزائر: تُعد من أبرز الداعمين السياسيين والعسكريين لجبهة البوليساريو، وتستضيف قيادتها ومخيمات اللاجئين.

• نيجيريا: اعترفت بها في عام 1984، ولا تزال تُعبّر عن مواقف داعمة لحق تقرير المصير للشعب الصحراوي.

• جنوب إفريقيا: أعادت التأكيد على دعمها القوي للجمهورية الصحراوية بعد سقوط نظام الفصل العنصري.

• موزمبيق

• أنغولا

• ناميبيا

• زمبابوي

• تنزانيا

• بوتسوانا

كما أن بعض الدول الإفريقية الأخرى مثل أوغندا ورواندا وغانا قد مرّت بمراحل من الاعتراف ثم التجميد أو سحب الاعتراف في مراحل معينة حسب تطور علاقاتها مع المملكة المغربية.

دول أمريكا اللاتينية

أبدت العديد من دول أمريكا الجنوبية والوسطى تضامنًا واضحًا مع قضية الشعب الصحراوي، لا سيما في سياق ما يُعرف بـ”تيار اليسار التحرري” الذي دعم قضايا التحرر الوطني حول العالم.

من الدول التي اعترفت بالجمهورية الصحراوية:

• فنزويلا

• كوبا

• نيكاراغوا

• بوليفيا

• الإكوادور (في فترات سابقة، مع تذبذب في السياسة)

• أوروغواي

• السلفادور (في عهد الحكومات اليسارية)

• بناما (في مراحل محددة)

• بيرو (اعترفت ثم سحبت الاعتراف، ثم عادت للاعتراف)

دول آسيا وأوقيانوسيا

الاعتراف الآسيوي بالجمهورية الصحراوية كان أقل عددًا مقارنة بأفريقيا وأمريكا اللاتينية، لكن سجل التاريخ بعض الاعترافات:

• فيتنام

• تيمور الشرقية: الدولة الصغيرة التي تشكلت بعد تجربة طويلة من الاحتلال، عبّرت عن تضامنها المبكر مع الجمهورية الصحراوية.

• كوريا الشمالية

• لاوس

• كمبوديا (في مراحل محددة)

• بنغلادش (سابقًا)

دول أوروبا

أغلب دول الاتحاد الأوروبي لم تعترف بالجمهورية الصحراوية، وذلك في إطار الحفاظ على علاقاتها الاقتصادية والسياسية مع المملكة المغربية، خصوصًا في ملفات التعاون الأمني والهجرة. مع ذلك، توجد بعض المواقف المؤيدة لحق تقرير المصير والتي ظهرت في مواقف برلمانية أو على مستوى أحزاب سياسية، لكن دون اعتراف رسمي من الحكومات.

• جمهورية صربيا اعترفت بالجمهورية الصحراوية في مراحل معينة.

• جمهورية كوسوفو أعربت عن دعمها، لكنها لم تصل إلى مستوى الاعتراف الكامل.

• السويد كانت قريبة من الاعتراف في وقت من الأوقات، لكن لم تُتوج العملية بقرار رسمي.

التغيرات في الاعتراف

من الجدير بالذكر أن العديد من الدول التي كانت قد اعترفت بالجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية في سنوات ماضية قد سحبت أو جمدت اعترافها في سياق الضغوط الدبلوماسية، أو بناءً على إعادة تقييم للمصالح الثنائية مع المغرب.

وفقًا لمصادر الأمم المتحدة وبعض الدراسات الأكاديمية، فقد تجاوز عدد الدول التي اعترفت بـRASD منذ إعلانها 80 دولة، إلا أن أقل من 40 دولة تحتفظ حاليًا باعتراف نشط ودبلوماسي بها.

في الجدول التالي، نستعرض تصنيفًا تقريبيًا لبعض الدول التي تعترف بالجمهورية الصحراوية أو اعترفت بها في السابق، مع الإشارة إلى الوضع الحالي:

الاعتراف في إطار المنظمات الدولية

بالإضافة إلى الاعتراف الثنائي، فإن الجمهورية الصحراوية تُعتبر عضوًا كامل العضوية في الاتحاد الإفريقي، وهي بذلك الدولة الوحيدة غير المعترف بها في الأمم المتحدة التي تحظى بعضوية كاملة في منظمة قارية بهذا الحجم. كما شاركت الجمهورية الصحراوية في بعض القمم والمؤتمرات الدولية ضمن مجموعة دول الجنوب.

رغم عدم تمتعها بعضوية في الأمم المتحدة، إلا أن منظمة الأمم المتحدة لا تعتبر الصحراء الغربية جزءًا من أراضي المملكة المغربية، وتدرجها كإقليم غير متمتع بالحكم الذاتي، وتؤكد على ضرورة إجراء استفتاء لتقرير المصير، وهو ما يُعد أساس المفاوضات الجارية تحت رعاية الأمم المتحدة بين المغرب وجبهة البوليساريو.

العوامل المؤثرة في سحب أو تجميد الاعتراف

هناك عدة عوامل تؤثر في موقف الدول من الاعتراف بالجمهورية الصحراوية:

1. العلاقات الثنائية مع المغرب: حيث أن المملكة المغربية تستخدم أدواتها الاقتصادية والدبلوماسية لإقناع الدول بسحب الاعتراف بالجمهورية الصحراوية.

2. الضغوط الجيوسياسية: بعض الدول تتعرض لضغوط من أطراف إقليمية ودولية لها مصالح مع المغرب.

3. تغير الحكومات: في كثير من الحالات، يؤدي تغير الحكومات من تيارات يسارية إلى تيارات يمينية أو العكس إلى تبدل في السياسات الخارجية.

4. موقف الأمم المتحدة: عدم الحسم الأممي في المسألة يجعل بعض الدول تفضل تأجيل الحسم في مسألة الاعتراف.

الوضع القانوني وفق القانون الدولي

بحسب ميثاق الأمم المتحدة، فإن لكل شعب الحق في تقرير مصيره، وهو ما تستند عليه جبهة البوليساريو في مطالبها. ومع أن المغرب يعتبر الصحراء الغربية جزءًا من أراضيه، فإن أغلب الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لم تعترف بسيادته على الإقليم. كما أن محكمة العدل الدولية في رأيها الاستشاري الصادر في 1975، أكدت عدم وجود روابط سيادة قانونية بين المغرب والصحراء الغربية تُبرر ضم الإقليم إلى المملكة.

من ناحية القانون الدولي، لا توجد دولة واحدة تعتبر السيادة المغربية على الصحراء الغربية أمراً قانونيًا بشكل صريح وموحد، وهو ما يُعزز وضع الجمهورية الصحراوية كطرف معترف به على المستوى القاري والدولي من قبل عدد من الدول.

الخلاصة

رغم التغيرات المستمرة في الخارطة الدبلوماسية للاعتراف بالجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، فإن هذه القضية تظل من أبرز ملفات تصفية الاستعمار العالقة في العصر الحديث. الاعترافات التي حصدتها الجمهورية الصحراوية تعكس دعمًا مستمرًا لحق تقرير المصير، في حين تستمر بعض القوى الإقليمية والدولية في دعم موقف المغرب الرافض للاستقلال. وبينما يبقى الحل السياسي الشامل غائبًا، فإن الوضع الراهن في الصحراء الغربية يمثل تحديًا حقيقيًا للأمن والاستقرار الإقليمي في شمال إفريقيا والساحل.

المراجع:

• United Nations. (2023). Non-Self-Governing Territories. https://www.un.org/dppa/decolonization/en/nsgt

• African Union. (2021). Member States & Republic Sahrawi Profile. https://au.int